الأربعاء، 2 أكتوبر 2019

عالة ولكن.. كتب: أ. عمر بنحيدي بقلمه




قصة قصيرة :   

   يدفع الباب بقوة ،ولاينفتح.يستشيط غضبا.يعيد الكرة مرات ثم لما أحس يده توجعه ،عوضها بركلة من قدمه ،ناسيا عاهته.،فازداد ألمه أضعافا.وصار يصرخ : أيتها المراة المجرمة ،افتحي الباب ،فتح الله لك باب جهنم.". و يسترسل في هستيريا غير آبهٍ بأحد ،خاصة وأن جيرانه فقدوا صبرهم.فالإزعاج صار يوميا ،وليته كان فقط الصراخ او طرق الباب ،ولكنه يطلق لسانه على عواهله فيسب كل شيء ،كل شيء : بدءا بالزوجة ،أصلها وفصلها وبالكلام الساقط.
وبما انه يكون مخمورا و لا يخجل من نفسه فإنها تتراجع عن تهديدها بعدم استقباله بتاتا في بيتها،. فتتسلح بعصا ،هو يعرف أن وجبة دسمة تنتظره بمجرد أن تطأ  أقدامه البيت أو الغار كما يسميه، . و مستعد لها ،فهو [ الرجل] ،وعليه أ ن يتحمل،نعم ليس هناك سعادة بدون شقاء ،فلابد من إحداث التوازن بين الخير والشر.ثم لا يفتأ يردد إما سرا أو جهرا ،حسب الحالات:" إن ضربتني فهي لن تترك أحدا يضربني... ،ضرب الحبيب كأكل الزبيب ،اضربيني ".
ولما تتعب يداها وتتقطع أنفاسها تغلق عليها باب غرفتها ،تاركة إياه مكوما في أحد الأركان يئن و يتألم إلى الصباح الموالي ،وبمجرد أن تتأهب للنوم مجددا يعاتبها ابنهما : ماما ،حرام عليك أن تضربي بابا."
فتعنفه هو الآخر :« نم يا ولد نم ،أبوك يستحق الحرق ،وهل يستحق أن  يكون أبا ،فهو ليس حتى شبه ذكر فمابالك برجل.ووو" فقاطعها مجددا:" لماذا تزوجتما. ؟" لم تكن  تنتظر  مثل هذا السؤال، ومع ذلك قالت  :"" إنها غلطة العمر . " ثم لتتهرب من الجواب الدقيق :" نم الآن سأجيبك من بعد " .
  لم يمض على نومها سوى سويعات حتى استيقظت لتهيء طعام الفطور والغداء  معا للعائلة ثم تحمل حقيبتها وتغادر نحو المعمل وهي تمسك طفلها. وفي انتظار الدخول فإنها تودعه عند زوجة حارس الباب وتنفحها مقابل هذا بعض الدريهمات . أما الرجل  ،عمود البيت ،كما كان يتبجح فلازال يغط في النوم. ولا  يغادر البيت إلا عند اقتراب خروجها من العمل،
- " خاطب نفسه اللئيمة: هاهي  قد خرجت من المعمل ،فاتجه نحوها مناديا : حليمة . حلييييمة " كانت قد سمعته بل أكثر من هذا توقعت مجيئه فاحتاطت لذلك .في الأول تجاهلته ،لكنها لما رأته  يقترب،التفتت نحوه وفمها يفتر عن ضحكة  صفراء: كلب الگرنة وصل ؟ أش بغيتي  ؟ "
- ‏ويجيب وقد تقطعت انفاسه من الجري : " قلقلت عليك فقط ،." وباندهاش تام ممزوج بالسخرية : أنا ولا  الدراهم ؟ » ويجيب متمتما :« أنتما معا ،لا فرق بينكما » لاحظت أنه يقول شيئا في السر :« الرجل يتمتم ،الله  يعطينا وجهك » .كلمات تنتشله من ذهوله ويمد يده للإمساك بحقيبتها الموضوعة تحت إبطها ،لكنها تصده وبعنف إلى حد أنه كاد يفقد توازنه ، حدجته بنظرة استغراب قائلة : الرجل اللي بغيتو يحميني ما قادر حتى يوقف ». وما هي إلا لحظات حتى تداعى العمال والعاملات عليهما بعد أن لفظتهم المعامل والمصانع . تدخل رجلان ينهيانه عن فعلته المشينة ،لكنه أجابهما بأنها زوجته وله الحق أن يفعل فيها وبها ما يشاء ،إنها ملكه .". وسألا  الزوجة هل فعلا هو زوجها فلم تنكر ،إذ ذاك فقط انقسم الجمع بين مؤيد له ومعارض،فتكونت حلقات للنقاش ،كل واحد يردد ببغائيا ما يردده الآخر ،أما المعنية بالأمر فلا أحد سمعها اشتكت .
- في البيت أخذ الصراخ يشتد مجددا .فهي تردد أنها لم تحصل على الأجرة النصف شهرية ،لأن الباطرون سافر مع عائلته خارج البلد ليقضي العطلة الصيفية ،وقد ترك تعليمات محددة لمن ينوب عنه :« من أراد أن ينتظر عودتي بالسلامة ،فأهلا به و من يرفض عليه مغادرة المعمل».
- ‏لكن الزوج لايسمع هذا الكلام فأصدقاؤه « العلماء» ،كما يسميهم لاشك ينتظرونه. بالحانة، وهي  تصر على انها لا نملك نقودا  ( و الحماق هذا؟) .
- ‏اتكا على الجدار مفكرا في الحل وإذا ببصره يقع على جهاز التلفزة .وكي لا يثير شكوكها ،فإنه تظاهر بالنوم  فوق حشية قرب الجهاز . تذكرت ان الطفل يوسف لم يعد بعد من المدرسة ،فخرجت تجري لتلحق به. و لما أحس بها ابتعدت  قام  يفك كل الكابلات التي تربط الحهاز ،نفض ما علق به من غبار ،ثم حمله بين يديه كما تحمل أم وليدها وغادر مهرولا قبل ان تعود ،نحو  سوق الجوطية.
- ‏تعود الصغير أن يجلس فوق كرسي امام الجهاز ،في الوقت الذي تنهمك امه في إعداد ساندويش. له، لكنه : صرخ ماما ماما »  لم  تسمعه ولم تلحظ أي  شيء .ولما أدركت قصده كان الزوج يضع بضعة أوراق نقدية بجيبه، فرحا بغنيمته. ثم (( خيرا اللهم اجعله خيرا)). أحس بانقباض، وصوت يوسف ابنه وهو يؤنبه (أوف،) حاول التخلص منه لكنه متشبث بتلابيب أحاسيسه. ( مشكلة هذه). وإذا به يمتطي صهوة الذكريات، فيلتقي بنفسه وهولازال طفلا في عمر ابنه يوسف :
-( فطومة، آه يا فطومة. أشنو تقولي لله سبحانه.) تذكرها  وهي تحرض أباه ضده. فما كان منه إلا أن أغلق دونه الباب وهو  لايزال بعد مراهقا. فاضطر  إلى امتهان. النشل و التسول. إلى أن التقي بزينب. هي أيضا مطرودة من طرف امها بعدما  حاول زوج امها أن  يغتصبها  خلال غياب أمها عن البيت.
جمعت بينهما زمالة أو جيرة الشارع. فاستلطفا بعضهما البعض. و. توجها عند عدل موثق حكيا له امرهما، لكنه أكد لهما ان عقد الزواج يقتضي وجود بطاقة تعريف وطنية. ومع الأسف فهما لا يتوفران عليها.
حين تأكد من مدى ارتباطهما العاطفي، اقترح عليهما الزواج  على الطريقة التقليدية  للأجداد ماداما ليسا قاصرين وهي : الزواج بالفاتحة. أي  انه سيكون هو شاهدا أمام الله سبحانه، وسيقرأون سورة الفاتحة، وبهذا يكون الرباط الديني أقوى من أي رباط ..
لم ينتشله من لجة الماضي سوى جلبة الناس وهي تفر، :(لماذا  يفرون؟) تسمر في مكانه وإذا بالغبار ينجلي فيظهر ان هناك أسدا قد انفلت من الحديقة ولم يتمكنوا من السيطرة عليه وإعادته إلى قفصه.
تعالى الصخب من كل جهة  : أهرب، أهرب)،. ولكنه بقى ينتظر اقتراب ملك الغابة منه. سمع صوتا بردد:(تقدم، تشجع هذه فرصتك يا ابني) عرفه.. إنه صوت امه :(نعم امي سأفعل).
   استل من وسطه حزامه الجلدي واستخدمه كسوط،يطرطقه في الهواء،  توقف الحيوان، ثم أمره وهو يلوح بحزامه:  أن  ينبطح. ففعل. بعدها ألقى فوقه الشبكة، ليتدخل أصحاب الحديقة وإتمام المهمة. وكان ضمن   هؤلاء مدير الحديقة الذي شكره على مساعدته وقدم له  بطاقة الزيارة إن هو احتاج شيئاً ،
لم يلتحق ب:(العلماء) بأصدقاء الكأس، انتظروه ليؤدي عنهم كما تعودوا  ولكنه تخلى عنهم  ليلتحق بزوجته فوجدها تتوعده. والعصا  بيدها. استسمحها أن تصغي له أولا و بعدها فالتفعل به ماتشاء
في اليوم الموالي رافق زوجته و ابنهما  يوسف  إلى حديقة الحيوانات. وكان يوسف يحس  لأول مرة   بأن أباه رجل حقيقي  و في اليوم الموالي كان ضمن عمال الحديقة..

 1/10/2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق